واقع التعّلم والتدريب الالکتروني في المملکة العربية السعودية: خيار استراتيجي لتحقيق التطلعات الوطنية واستشراف المستقبل

لقد أدرکت القيادة في المملکة العربية السعودية أن جهود التنمية يجب أن ترتکز على إحداث ثورة في النظام التعليمي من خلال منهجية وسياسات واستراتيجيات مُحکمة والاستفادة من تطبيقات تکنولوجيا المعلومات و الاتصالات في لُب العملية التعليمية وإعادة التدريب، و تجعل منها قاعدة للارتقاء بالتعليم والتدريب بکافة القطاعات، و أداة لحفز الإبداع و التميز، و قد تم تبني سياسة وطنية للتوجه إلى مجتمع المعرفة من خلال عدة منظومات ترتبط بالأنظمة التعليمية لتحقيق التکامل المعرفي عبر تبادل البيانات و المعلومات من خلال الوسط الالکتروني بسرعة فائقة و دون عوائق، وانطلاقا من منهجية الفکر الاستراتيجي لخطة التنمية التاسعة تهدف عملية التخطيط للتنمية إلى تحقيق تحول اقتصادي اجتماعي تعليمي من حالة راهنة تمثلها عوامل ومتغيرات بمستويات وارتباطات معينة إلى حالة أخرى جديدة تمثلها ذات العوامل والمتغيرات ولکن على مستويات وارتباطات مختلفة تستهدفها خطط التنمية الشاملة، وفق معطيات وتحديات داخلية وخارجية، تحدد طبيعتها ومدى تأثيراتها على عملية التنمية الحالة الاقتصادية والاجتماعية، أي خصوصيات وسمات المرحلة، وتعتمد کفاءة عملية التخطيط الاستراتيجي على قدرتها على التطور والتجديد المستمر للتکيف مع المستجدات والتعامل مع خصوصية کل مرحلة من مراحل التنمية، وبالتالي فإن کان التخطيط وسيلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الهادفة، فإن منهجية التخطيط هي إلى حد کبير، وليدتها وآلياتها المحققة لها، وفي هذا السياق تُّعّد منهجية خطة التنمية التاسعة استمراراً لمنهجية خطة التنمية السابعـة والثامنة بقدر تشابه المعطيات وتماثل التوجهات الاستراتيجية بينهما، في حين تعکس جوانب التطوير في منهجية الخطة الثامنة، التوجهات الجديدة للمرحلة ومعطياتها، بالإضافة إلى فوائد الخبرة والتجربة فـي التخطيـط للتنميـة خلال الخطط السابقة بشکل عام والخطة السابعة بشکل خاص، وکذلک الرؤية المستقبلية لمنهجية التخطيط بضرورة التحول إلى نظم التعلّم القائم على البحث و تحصيل المعرفة والإبداعية بدلا من نظام التعليم التقليدي القائم على التلقين و التفکير المسّير، فقد اتخذت وزارة التربية و التعليم إجراءات عملية لإرساء قواعد التعلم الالکتروني و توفير المصادر التعليمية و المناهج عبر شبکات المعرفة، کما و تم ربط غالبية ومعظم المدارس والجامعات والکليات بالمملکة بشبکة إلکترونية، و تم تزويد معظم مدارس المملکة بأجهزة حاسوب متقدمة، ولضمان استخدام هذه التقنيات الحديثة فقد بدأت الوزارة ومنذ فترة ليست بقصيرة بتدريب جميع معلمي و موظفي الوزارة على استخدام تقنيات المعلومات و الاتصالات و استغلالها لتحسين العملية التعليمية، ومع أن هذه الخطوات بدأت تؤتي ثمارها و لو بشکل محدود، إلا أن مثل هذا التغيير يتطلب وقتا و جهداً و لا يمکن أن يحدث بين عشية و ضحاها، ونظراً لأهمية هذا الموضوع وإيمانا بأن التعلم والتدريب الالکتروني الوسط الأمثل للتعلم و تحصيل المعرفة بسرعة و يسر، فقد تبنت الحکومة السعودية مؤخرا مشروعات عديدة لإنشاء شبکة تعليمية وطنية عالية السعة باستخدام تقنية الألياف الضوئية رصدت لها مبالغ کبيرة، و ذلک بعد دراسة مستفيضة أثبتت جدوى هذا الاستثمار على المدى البعيد، وزارة الاقتصاد والتخطيط، خطة التنمية التاسعة 2010، 1-90).